| ]

يعد علم إدارة الأعمال من العلوم الحديثة النشأة في مجال الإدارة والاقتصاد. ولكن مفهوم الإدارة قديم تاريخياً، فهو يستند أساساً إلى سلطة الرؤساء وخضوع المرؤوسين لهم. وقد طَبَّقت مؤسسات ضخمة عريقة الأصول مفهوم الإدارة في تنظيماتها من أجل تنسيق العمل في دوائرها. ويأتي تنظيم الدولة والقوات المسلحة في مقدمة هذه المؤسسات. وكان النظام الإقطاعي منذ العصور القديمة يقوم على التنظيم المتسلسل (الخطي)، ويمكن القول إن تنظيم أكثر المشاريع الصناعية التي قامت قبل القرن العشرين كان من هذا القبيل.

 

علم ادارة الاعمال في التاريخ:

قدماء المصريين :
فقد إستطاعوا بناء الإهرامات بتقنيات عالية و هذا دليل الإمكانيات الإدارية و التنظيمية و إستخدامها المعايير و الخطط و توجيه جهود العاملين و قيادتها على مدى " 20 " عاماً بدأت في إيجاد المحاجر و تسويتها و نقلها و تركيبها , و لقد أدرك المصريين القدماء قيمة و أهمية التخطيط و الاستشارات مع المتخصصين مما يدفع العملية الإدارية إلى الأمام و يعطيها بعداً علمياً .

البابليين:
فقد وضع حمورابي القانون الذي يعالج بعض المسائل الإدارية مثل تحديد الحد الأدنى للأجور و الرقابة على التعامل و التنفيذ و تحديد مسؤوليات المنفذ أمام السلطة العليا و المسؤولية الفردية المباشرة , كما ركز السلطان البابلي نبوخذ نصر على الرقابة و على الإنتاج و المكافآت التشجيعية .

الصينيون :
فوضعوا الدليل الإداري لموظفي الدولة و من أهم القواعد التي وضعت في الدليل : التنظيم الحكومي , التخصص الحكومي , تخفيف العقوبات , الاتصالات , كفاية الحكومة , الرسميات و ظهور الحكومة بمظهر البقاء , الرقابة على آمال الحكومة , المساءلة و العقاب , مراجعة الحكومة .
كما أعتمدت الإدارة الصينية آنذاك على عدة مبادئ هي :
1. أستخدام المستشارين على نطاق واسع .
2. تحديد الأسباب العمل و الإنتاج .
3. التخصص و التخطيط و التوجيه و إنتقاء العمال و التنظيم .

الإغريق :

فقد ركزوا على الديمقراطية في الإدارة و الإدارة العلمية و دراسة الحركة و الزمن و كذلك التشاور و المشاركة في مناقشة القضايا و المسائل .
وقد وضعوا مبادئ للإدارة و أكدوا على :
1. توحيد أساليب الإنتاج .
2. تحديد سرعة الإدارة .
3. أستخدام الموسيقى .
4. التخصص و توزيع العمل .
5. كلية الإدارة .
6. التحفيز .
7. خلق مناخ عمل إيجابي .
8. وضع الشخص المناسب في المكان المناسب .

 

الرومان:

أما بالنسبة للرومان فقد ساعد تطور الإمبراطورية و أتساع ترسخها , و من أهم المبادئ التي رسخت في عهد الرومان :
1. مبدأ تفويض السلطة .
2. التنظيم الهرمي .
3. لامركزية التنظيم .
4. تدرج الرقابة المركزية .

الإدارة في العصور الوسطى :
رسخت في هذه العصور الوسطى مجموعة من القواعد و المفاهيم والمبادئ و يمكن تلخيص هذه المبادئ بالأقوال التالية :
1. قوة التنظيم تأتي عن طريق الرقابة الهرمية .
2. إن المرحلة المشتركة أساس نجاح أي تنظيم .
3. إن تفويض السلطة ليس تنازلاً عنها يمكن استردادها في أي وقت .
4. سوء التفويض يؤدي إلى التسيب و الانحلال .
و لقد جاء روبرت هاموند في كتابه " فلسفة فارابي " الذي يؤكد فيه أن الفارابي كتب عن إدارة الدولة مؤكدا على مجموعة من المبادئ منها :
1. التدرج السطوي ووحدة الأمر و التوجيه .
2. تميز رئيس الدولة بالذكاء و الذاكرة و اللياقة و الحزم .
3. الإقبال على العلم و إجتناب الرذيلة .
4. الاعتلال في شخص واحد يجعل في الإمكان أن يقوم بإداة دقة الحكم .

الإدارة في العصور الحديثة :

إن مجال الأعمال الإدارية في النظم الاقتصادية الرأسمالي بقي على منشأت و مؤسسات القطاع الخاص إلى أن بدأت تظهر الأزمات الاقتصادية المحلية و العالمية مما فرض ضرورة تدخل الدولة الرأسمالية لحماية مصالحها داخل حدودها الإقليمية و خارجها .

كان من المفترض ان ترافق الثورة الصناعية التي تحدث في أوروبا بدءاً من النصف الثاني من القرن الثامن عشر ثورة علمية في مجال العلوم الاقتصادية و الإدارية تحدد المعالم الأساسية و المفاهيم الحديثة المتطورة على اساس جديد تنسجم مع التطورات و التقنيات الحديثة .

و الواقع يختلف عن هذه الافتراضات على إتبار أن التبدلات و التغيرات التقنية و الاجتماعية و على الرغم من زيادة الإنتاج و تعقيد مشاكله من النواحي الفنية و المالية فإن علم إدارة الأعمال لم يكتمل بناءه و لم توضح و تثبت مبادئه و نظرياته و لم يتطور قياساً بالعلوم الاقتصادية و الاجتماعية و الفلسفية و التطبيقية كالهندسة و الفيزياء و الكيمياء و غيرها .

و على هذا الأساس يمكن القول أن علم إدارة الأعمال لم يتبلور بمفاهيمه و نظرياته إلا مع بداية القرن العشرين و حدوث الأزمة الاقتصادية العالمية الخانقة و مع نهاية الحرب العالمية الثانية التي أفرزت المعطيات السياسية والاقتصادية لتنسقها و تنظمها لإعادة بناء ما دمرته الحرب و لن يتم هذا إلا بالاعتماد على الأساليب الإدارية العلمية الحديثة في مجالات الإنتاج و النقل و التوزيع و التسويق و التمويل و التخطيط و التنظيم.

 

أهمية الإدارة :

تؤدي الإدارة دورا هاما في توجيه الجهود الجماعية على اختلاف مستويات تجمعها وعلى اختلاف أنواعها،فكلما ضم عدة أفراد جهودهم إلى بعضها البعض للوصول إلى هدف معين تظهر أهمية الإدارة و تتزايد هذه الأهمية كلما تزايد اعتماد المجتمع على الجهود الجماعية وتداخلت هذه الجهود في علاقاتها وتعقد في طبيعتها ، فالإدارة لها دورها الهام على مستوى الأسرة وعلى مستوى جماعات العمل وعلى مستوى المجتمع لأنها الأسلوب الذي يتولى به الرعاية شؤون الأسرة ،وهي الأداة التي توجه بها الجهود المتفاوتة لأفراد الجماعة ،وهي الوسيلة التي يستخدمها الحاكم أو القائد لتوجيه ورعاية المجتمع .

وللإدارة أيضا دور هام في توجيه الجهود الجماعية المتنوعة ،فرغم أن الإدارة ظهرت بطريقة علمية في المصانع إلا أنها نمت وتبلورت وأصبحت على ما هي عليه من مكانة وقوة وتأثير في ميادين متنوعة فالدارة هي الدعامة التي تعتمد عليها أنشطة الاقتصادية والاجتماعية والحكومية والتعليمية والعسكرية لأنها جامعة الموارد الاقتصادية النادرة لتشبع بها الحاجات الجماعية والفردية وهي صانعة التقدم الاجتماعي ويعتمد عليها العصر في تحقيق الرفاهية الإنسانية وهي رائدة الحكومات الرشيدة ووسيلتها في توجيه شؤون الحكم من اجل تحقيق الأهداف الوطنية والقومية وهي وجهة المتعلمين والباحثين في سعيهم لمعالجة مشاكل العصر ومواجهة التغيرات السريعة وهي قوة المجتمع وحماية استقلاله وثرواته من الإطماع الخارجية.

ويختلف الكتاب والممارسون في تحديد الأسباب الكاملة التي تؤدي إلى النجاح في الإدارة ولكنهم يتفقون على إن التفكك الأسري والإسراف في استخدام الموارد وسوء الخدمات الحكومية والهزيمة في المعارك إنما ترجع إلى غياب الإدارة السليمة. ويقول هؤلاء الكتاب أن الإدارة السليمة تعتمد على المبادئ والنظريات العلمية وتصقل بالممارسة والخبرة المتجمعة.

إن الإدارة الناجحة ضرورة ملحة في الوقت الحاضر بسبب التغيرات الاجتماعية، الاقتصادية والتكنولوجية نذكر منها على سبيل المثال ما يلي:

1- كبر حجم المؤسسات والمنظمات وزيادة الحاجة إلى التخصصات المختلفة الأمر الذي يظهر أهمية التنظيم، التنسيق والرقابة.

2- وجود انفصال بين المنظمات وملاكها. الأمر الذي يظهر أهمية الرقابة والتنظيم لضمان مصالح الأطراف المختلفة.

3- التغيرات التكنولوجية، الاقتصادية والاجتماعية. الأمر الذي يظهر أهمية التخطيط، التنظيم والتنبؤ لمواجهتها والتأقلم معها.

4- المنافسة الشديدة في الأسواق الامر الذي يتطلب التجديد والابتكار في طرق الإنتاج وفي أدواته لتحقيق الوفرات الاقتصادية.

5- الندرة المتزايدة في الموارد المادية والبشرية. الأمر الذي يتطلب الرشد، الاقتصاد والبحث عن وسائل وطرق تحقيق الفعالية.

6
- القوة المتزايدة للتجمعات التي تدافع عن المستهلكين ومصالحهم الأمر الذي يظهر أهميته، ووضع السياسات الخاصة بتحسين الجودة، الأسعار وغيرها.

7- تزايد قوة التجمعات العمالية الأمر الذي يتطلب وضع سياسات مقبولة للأجور وظروف العمل وشروطه.

8- الإدارة هي الأداة الأساسية في تسيير العمل داخل منظمات الأعمال فهي التي تقوم بتحديد الأهداف وتوجيه جهود الأفراد إلى تحقيقها بفاعلية وكذلك توفير مقومات الإنتاج وتخصيص الموارد وتوزيعها على استخداماتها البديلة وإزالة الغموض في بيئة العمل............الخ.

9- يقع على عاتق الإدارة مسؤولية تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية لمنظمات الأعمال من ناحية وللمجتمع ككل من ناحية أخرى.

10- بما أن الإدارة هي المسؤولة عن بقاء واستمرار منظمات الأعمال فإن هذا لا يتحقق إلا من خلال القدرة على مواجهة الكثير من التحديات ومن بين هذه التحديات نذكر:
أ- الاضطرابات الاجتماعية وعدم الاستقرار السياسي ان وجد في الدولة المعنية

ب- انخفاض معدل النمو الاقتصادي وارتفاع تكلفة الأموال.

ﺟ- الخلل في نظم التجارة والصناعة المعمول بها في الدول.

د- ازدياد درجة التدخل الحكومي في ميدان الأعمال من خلال الرقابة على الأسعار وتعدد وتغير قوانين الإستراد والتصدير.

ﮬ- ارتفاع معدلات التضخم.

11
- يقع على عاتق الإدارة مسؤولية تحقيق التكامل الخارجي بين البيئة والمنظمة من خلال:
أ- توفير احتياجات المنظمة من الموارد المختلفة من البيئة.
ب- تحويل ومزج هذه الموارد مع بعضها البعض لتلبية احتياجات البيئة من السلع والخدمات

12- لكي تنجح منظمات الأعمال في رسالتها فإن مسؤولية الإدارة التعامل مع التغير المستمر في حاجات المجتمع وتفاقم المشكلات الصحية والاجتماعية بالإضافة إلى التلوث.


تابعونا على تويتر