| ]

في أحد دورات ” ديفيد باخ ” والتي كان محورها الاستثمار، وبينما لم يكن قد تبقى على نهاية اللقاء سوى ربع ساعة، رفعت فتاة شابة اسمها ” كيم ” يدها وقالت: ” إن أفكارك يا ديفيد رائعة كنظرية، على أنه لا علاقة لها بالواقع. إنك تجعل الأمر في غاية السهولة، تُحاضر لمدة ساعة عن سهولة توفير المال، لكن ذلك في الحقيقة من المستحيلات، إنك تتحدث كما لو أن توفير خمسة إلى عشرة دولارات يومياً أمر مفروغ منه! وذلك غير ممكن بالنسبة لي، إنني أعيش من الراتب وأنا أنتظر حلوله بكل شوق، فكيف يمكن لي أن أوفر من خمسة إلى عشرة دولارات في اليوم! إن ذلك ليس واقعياً أبداً.. “


فهزّ جميع الحاضرين رؤوسهم مؤيدين ما قالته ” كيم “..
ماذا تتوقعون أن يكون رد فعل المدرب ديفيد حينها؟ فهذه الفتاة يمكننا أن نقول أنها نسفت من قيمة الدورة التي يقدمها، وأكمل بقية الحاضرين ما نقص بتأييدهم لها!
مدرب في ورطة! أليس كذلك؟
تابعوا معي بقية الموقف بلسان ” ديفيد باخ ” المدرّب والمستشار المالي ..
يقول ديفيد: غني عن الذكر أنني لم أحبذ ذلك التعليق! لكن عندما أيد الجميع رأي ” كيم ” أحسست بأهمية الأمر، فقررت أن أكرس ما بقي من وقت اللقاء للإجابة على سؤالها، فبادرتها بالقول: “ كيم ” هناك الكثير ممن يوافقونك الرأي هنا، فلنناقش ما تقولين، هل تساعدينني في ذلك؟
- بالتأكيد – جاء ردها..

- عظيم – أجبت بدوري، ونظرت إلى السبورة وأنا أمسك بقطعة الطباشير قائلاً: دعينا نتتبع مسار نفقاتك ليوم عادي..
قالت: حسناً، أذهب إلى العمل، فأستمع إلى الرسائل الصوتية لليوم السابق..
قاطعتها بقولي: لحظة، وماذا يسبق ذلك؟ أتبدئين يومك بكوب من القهوة يا ترى؟
قالت صديقتها في المقعد المجاور” “ كيم ” بدون قهوتها الصباحية، مخاطر كثيرة!
لكزتها ” كيم ” وهي تقول: نعم أبدأ يومي بقهوة من ستاربكس، وقطعة من الكعك.
يقول ديفيد: هززت رأسي متفهماً، وقلت: إنني في شوق لمعرفة التكلفة اليومية لذلك يا كيم!
قالت: ٣ دولارات ونصف للقهوة، ودولار ونصف للكعك.
إذن فهذه خمس دولارات أنفقت قبل وصولك للعمل، استمري..
بدا شيء من الانزعاج على محياها، فقالت: حسناً، الكل يفعل ذلك، ليس هذا بالخطب الجسيم.
فرفع ديفيد يده بحركة سينمائية تدل على الاستسلام، قائلاً: أنت على حق يا ” كيم “، أكملي من فضلك..
تابعت ” كيم ” قائلة: آخذ استراحة مع بعض الصديقات في العاشرة فنشرب كوباً من العصير، بقيمة ٤ دولارات ونصف، وواحداً من ” أصابع الطاقة ” أدفع له مبلغ دولار وخمس وسبعون سنتاً..
فقال ديفيد: إذن يا ” كيم “، قبل أن يحين موعد الغداء، فأنت قد أنفقت ١١ دولاراً تقريباً! رغم أنك لم تتناولي طعام الغداء بعد!
ضحك الجميع، بما فيهم ” كيم ” وصديقتها..


وتابع ديفيد قائلاً” : حقاً يا ” كيم ” لسنا بحاجة للقيام بجرد علني لحياتك اليومية – بإمكانك القيام بهذا لاحقاً – الفكرة هنا أننا لا نهدف للسخرية من مقدار ما تصرفينه، بل إن السبب الوحيد الذي يدفع الجميع للضحك هو أننا ندرك جميعاً أننا نسيء التعامل مثلك تماماً، إننا ننفق مبالغ قليلة كل يوم، لكننا لم نفكر يوماً في ضخامة مقدارها لو تجمّعت.. دعيني أريك ما سيدهشك حقاً.
وأخرجت آلة حاسبة قائلاً: لنفترض أنك منذ اليوم قررت أن تبدئي التوفير، ولنفترض أنك قررت توفير خمسة دولارات في اليوم فقط، كم هو عمرك الآن؟
- ثلاثة وعشرون – قالت ” كيم “.
قال ديفيد: حسناً، إذا افترضنا أنك ستوفرين ٥ دولارات يومياً، فهذا يعني ١٥٠ دولاراً في الشهر، أي ٢٠٠٠ دولار في السنة، وإن افترضنا أنك استثمرت هذا المبلغ بعائد ١٠ ٪، فكم تتوقعين أن يصبح المبلغ إذا وصلت لعمر الـ ٦٥ ؟
فبدأت ” كيم ” تخمن: ١٠٠ ألف؟ ٢٠٠ ألف؟ ٥٠٠ ألف دولار؟
قال ديفيد: ما رأيك إن كانت الحصيلة مليون دولار!
اتسعت عينا ” كيم ” تعجباً.. فقال لها: هذا ليس سوى تقدير منخفض، كم سيكون المبلغ إذا قمتِ بادخار ٣٠٠٠ آلاف مثلاً؟ أو إذا كان عائد الاستثمار أكثر من ١٠٪ ؟
فقالت ” كيم “: هل تعني يا ديفيد أن قهوة اللاتيه تكلفني ما يقارب المليون دولار؟
وبصوت واحد رد الجميع ” نعم “..
انتهت القصة، ومع نهايتها ألا يستحق الأمر منا أن نبدأ بمراجعة جادة لأنفسنا؟
أن نبدأ بجرد دقيق لواقع نفقاتنا اليومية؟ ولو بشكل تقريبي..

تابعونا على تويتر